هل ينجو الاستثناء من سيف الإلغاء؟

نبذه عن المؤالف

المستشار القانوني وائل الحارثي

مستشار قانوني

بقلم المستشار القانوني: وائل الحارثي

يُشكّل الاستثناء أحد المبادئ القانونية الدقيقة التي ترِد على القواعد العامة، وذلك بهدف تحقيق مرونة تشريعية لمواجهة حالات خاصة ومع ذلك، يكمن الخطر في التوسع غير المنضبط في هذا المبدأ، مما قدالاستثناء ضرورة تشريعية، لكن ضبطه يمنع طغيانه على القاعدة ويحفظ هيبة النظام. يهدد هيبة القواعد القانونية ويفقدها قوتها، وهو ما يمكن وصفه بطغيان الاستثناء على القاعدة. هذا المقال يهدف إلى تحليل هذه الظاهرة من زاوية نقدية، مستعرضاً أنواع الاستثناءات وإشكالية استمراريتها عند استبدال النظام محل الاستثناء بنظام آخر. يمكن تصنيف الاستثناءات بحسب نطاقها إلى نوعين رئيسيين، وهما الاستثناء المطلق (الكامل) الذي يشمل كامل نصوص النظام، مما يعفي الجهة المستثناة من تطبيق جميع أحكامه، ومثال ذلك استثناء الهيئة الملكية لمحافظة العلا لمدة عشرين عاما من عدة أنظمة.

أما النوع الآخر، فهو الاستثناء المقيد (الجزئي) الذي يقتصر على استثناء مادة أو أكثر من مواد النظام دون غيرها، ويعد استثناء حكم المادة السابعة من نظام مجلس الوزراء، المتعلق برئاسة جلساته في حال غياب الملك أو رئيس المجلس أو نوابه، مثالا على هذا النوع. تثور الإشكالية حين يُلغى النظام القديم الذي كان محل الاستثناء ويحل محله نظام جديد. هل يظل الاستثناء ساريا تلقائيا، أم أنه يلغى بانتهاء سريان النظام الذي ارتبط به؟ للإجابة على هذا التساؤل، يبرز مساران رئيسان:

المسار الأول، وهو استمرارية الاستثناء، ويرى أنصاره أن الاستثناء يستمر بقوة المبرر الغائي (الغاية من الاستثناء)، خاصة إذا كان محدداً بمدة زمنية طويلة، وأن الهدف من الاستثناء لا يزال قائما رغم تغير النص التشريعي.

المسار الثاني، وهو انتهاء الاستثناء، ويعد هذا المسار أكثر اتساقا مع القواعد القانونية. فإذا كان الاستثناء قد تقرر لنظام معين وتم إلغاء ذلك النظام بنص صريح، فإن الاستثناء المرتبط به يزول أيضا.

إن زوال الأصل (النظام القديم) يؤدي حتما إلى زوال الفرع (الاستثناء). وبالتالي، يجب على الجهة المستثناة الخضوع للنظام الجديد أو الحصول على استثناء آخر بموجب نص صريح. ومن الناحية النقدية، فإن المسار الثاني هو الأرجح والأكثر سلامة. فالسند القانوني للاستثناء هو النص الصريح الذي يربطه بنظام محدد، ومع إلغاء هذا النظام، تنتفي علة الاستثناء القانونية.

ولمعالجة هذه الإشكالية، يمكن أن يتضمن النظام الجديد نصًا صريحًا يقرر استمرارية الاستثناءات التي كانت ممنوحة لجهات معينة بموجب نصوص خاصة في النظام القديم، وذلك بشرط ألا يكون لدى المشرع توجه بإلغاء تلك الاستثناءات.

هذا الحل يضمن انتقالًا سلسًا ويحافظ على المبادئ القانونية، ويُجنّب الجهات المستثناة الحاجة إلى إصدار استثناءات جديدة لكل نظام جديد على حِدة.

الخلاصة


يظل مبدأ الاستثناء أداة ضرورية، ولكن يجب أن تستخدم بضوابط صارمة لتجنب طغيانها على القواعد العامة، ولضمان أن يكون تطبيقها محكومًا بالوضوح التشريعي، لا بالاجتهاد التبريري. إن حسم إشكالية استمرارية الاستثناءات عند استبدال الأنظمة يعد خطوة جوهرية نحو تحقيق بيئة تشريعية أكثر انضباطًا وشفافية.

مصادر الأنظمة المذكورة:

• نظام المنافسات والمشتريات الحكومية:

- النظام القديم: المرسوم الملكي رقم (م/ ٥٨) وتاريخ ٤/ ٩ / ١٤٢٧هـ.

- النظام الجديد: المرسوم الملكي رقم (م/١٢٨) وتاريخ ١٤٤٠/١١/١٣هـ.

• نظام استئجار الدولة للعقار وإخلائه:

- النظام القديم: الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٦١) وتاريخ ١٤٢٧/٩/١٨هـ.

- النظام الجديد: الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/١٣٦) وتاريخ ١٤٤٣/١٢/٢٨هـ.

نظام مجلس الوزراء: الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/١٣) وتاريخ ١٤١٤/٣/٣هـ.

•  استثناء حكم المادة السابعة من نظام مجلس الوزراء:

- الأمر الملكي رقم (أ/45) وتاريخ 1446/2/4هـ.

جدول المحتويات

جدول المحتويات

نبذه عن المؤالف

المستشار القانوني وائل الحارثي

مستشار قانوني

المستشار القانوني وائل الحارثي

مستشار قانوني

اطلع على جميع المقالات