نبذه عن المؤالف

فريق قانونية
فريق تحرير يجمع بين المهارة في صناعة المحتوى والمعرفة القانونية بالأنظمة السعودية، لتقديم مقالات موثوقة ومدعومة بالمصادر الرسمية.
يُعد المحتوى المحلي أحد المرتكزات الرئيسية في سياسات الشراء والتعاقدات الحكومية في المملكة العربية السعودية، ويأتي ذلك في إطار التوجه الاستراتيجي نحو تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، من خلال رفع نسبة المكوّن المحلي في السلع والخدمات والمشاريع التي تُنفّذ عبر الإنفاق الحكومي.
.png)
وقد أرسى نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/128)، أسسًا واضحة لدعم المحتوى المحلي، وجعل منه عنصرًا جوهريًا في إجراءات الترسية والتقييم، وليس مجرد اعتبار شكلي.
وتكمن أهمية هذا التوجه كونه يُسهم في:
- تعزيز الاستقلال الصناعي والتقني
- رفع نسبة التوظيف المحلي
- تحفيز الاستثمار في سلاسل الإمداد الوطنية
ومن هنا، لا يقتصر تحقيق هذه الأهداف على الالتزام بالنصوص النظامية، بل يتطلب من الجهات الحكومية والمتنافسين تفعيلًا عمليًا وقياسًا واقعيًا للأثر المحلي الناتج عن كل عقد يتم إبرامه.
أولًا: ما هو المحتوى المحلي؟
- يُعرّف المحتوى المحلي – بحسب هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية – بأنه: "مجموع الإنفاق في الاقتصاد الوطني من خلال مشاركة العناصر السعودية في القوى العاملة، والسلع، والخدمات، والأصول، والتقنية في إنتاج السلع أو تقديم الخدمات."
- بمعنى أنه كلما زادت المساهمة السعودية في تنفيذ العقد – سواء عبر المواد المحلية، أو الأيدي العاملة الوطنية، أو الخدمات المقدمة داخل المملكة، أو حتى استخدام التقنيات الوطنية – زادت نسبة المحتوى المحلي في هذا العقد.
- فعلى سبيل المثال؛ لنفترض وجود مصنعين داخل المملكة:
1- مصنع A:
- يستخدم آلات محلية.
- يشتري العبوات والتغليف من موردين سعوديين.
- يشغّل عمالة وطنية.
✅ يحقق محتوى محلي مرتفع؛ لأنه يساهم فعليًا في الاقتصاد الوطني عبر التصنيع والتوريد والتوظيف.
2- مصنع B:
- يستورد المنتج جاهزًا من الخارج، ويوزعه داخليًا.
- يشغّل عمالة غير وطنية.
❌ يحقق محتوى محلي منخفض؛ لأن أغلب الإنفاق يتم خارج المملكة ولا يضيف قيمة تُذكر محليًا.
-2.png)
ثانيًا: الأساس النظامي لتفضيل المحتوى المحلي
تنص المادة (9) من النظام على أنه:
"تكون الأولوية في التعامل للمحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والشركات المدرجة في السوق المالية"
وهذا يؤكد أن تفضيل المحتوى المحلي مبدأ نظامي ملزم وليس مجرد خيار تنظيمي.
🔹وقد فُصّلت آليات هذا التفضيل من خلال:
- اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية.
- لائحة تفضيل المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة المحلية والشركات المدرجة في السوق المالية في الأعمال والمشتريات.
ثالثًا: لائحة تفضيل المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة
هي لائحة تنظيمية تصدرها وزارة المالية، وتهدف إلى:
- تحديد آلية احتساب المحتوى المحلي.
- تنظيم شهادة المحتوى المحلي الصادرة عن الهيئة المختصة.
- وضع نسب التفضيل، وحدودها الدنيا والعليا.
- تنظيم العلاقة بين الجهة الحكومية والمتنافسين في هذا الجانب.
ويُطلب من المتقدمين للمنافسات الحكومية تقديم شهادة محتوى محلي معتمدة في الحالات التي تنص فيها وثائق المنافسة على ذلك، أو عندما تكون المنتجات أو الخدمات المطروحة مدرجة ضمن القائمة الإلزامية الصادرة عن هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية.
رابعًا: كيف يؤثر المحتوى المحلي على الترسية والتقييم؟
يُؤخذ المحتوى المحلي بعين الاعتبار في عدة مراحل من المنافسة:
1. التقييم المالي:
تُمنح الشركات التي تحقق نسب محتوى محلي أعلى، وزنًا إضافيًا في التقييم المالي، مما قد يجعلها تفوز بالترسية حتى لو لم تكن الأرخص.
2. الأفضلية السعرية:
في بعض الحالات، يُمنح المنتج الوطني الذي يحتوي على محتوى محلي نسبة تفضيل تصل إلى 10% مقارنةً بالمنتج الأجنبي.
3. خطة رفع المحتوى المحلي:
في بعض المنافسات، يُطلب من المتنافسين تقديم خطة لرفع المحتوى المحلي أثناء التنفيذ، وتُقيّم ضمن عناصر العرض المالي.
خامسًا: هل التفضيل للمحتوى المحلي إلزامي دائمًا؟
ليس في جميع الحالات، بل يعتمد على:
- طبيعة العقد، وشمول المنتجات أو الخدمات ضمن القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية.
- توفر بدائل وطنية مطابقة للمواصفات.
- درجة التزام الجهة الحكومية بالمحتوى المحلي حسب نوع قطاعها.
لكن في المجمل، تُشجّع الجهات على تطبيق التفضيل كلما كان ذلك ممكنًا، دعمًا للناتج المحلي وزيادة التوظيف والتصنيع الداخلي.
.png)
خلاصة القول
يمثل المحتوى المحلي أداة استراتيجية في تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتعزيز القيمة المضافة محليًا، وإنما أصبح شرطًا تنظيميًا يؤثر على فرص الفوز بالمنافسات الحكومية. فيجب على المتعاقدين والموردين فهم هذه الأحكام وتطبيقها عمليًا، لضمان الامتثال وتحقيق أفضلية نظامية.